في قرية نائية قرب
الجبل كان يعيش الطفل سالم ابن العشر سنوات مع أمه في بيتهما الريفي المتواضع، أحب
الصغير محيطه ،فكان دائما يسمع من أفواه المارة حكاية ذلك الحصان الطائر ،بعضهم
يقول أنه كائن أسطوري والبعض الآخر يقول أنه كان يعيش فوق الجبل ومات.
طأطأ الصغير رأسه وهم
في بحر خياله وهو يحدث نفسه :أكان لهذا الحصان أجنحة؟ وكيف صارت حكايته متداولة
بين الغادي والبادي؟.فدخل الصبي بيته وهو لا يزال يفكر بأمر ذلك الحصان الطائر.
لاحظت الأم ذلك الانطباع
الغريب في وجه ابنها، فسألته السبب، فرد عليها قائلا :أرجوك يا أمي إن كنت تعرفين
قصة الحصان الطائر فارويها لي. استغربت الأم من كلام طفلها فحاولت أن تهدئ من روعه
بقولها: لا تكترث بأمر ذلك المخلوق فلاشك أنه من مخيلة أحدهم! أجاب وقد خاب أمله: ولكنه
كان يعيش في الجبل. اندهشت الأم عند سماعها هذا الجواب المفاجئ فقالت:ولكن من
أخبرك بهذا؟ أجابها الكل يعرف هذا، أم أنك تخفين أمرا؟ فردت عليه بجواب فيه بعض
الخوف :لا ولكن إياك أن تذهب إلى الجبل فهذا خطر عليك وأنا لا أريد أن أفقدك بسبب
ذلك المخلوق الخيالي .فخرج الصغير مرة أخرى وهو يتنفس الصعداء فسأل الناس عن قصة
الحصان الطائر ، فقال له أحدهم:نحن لا نعرف الكثير عنه ولكنه كان يعيش في أعلى
الجبل ويظهر مرة كل عام ، وقد أخبرنا أحدهم أنه رأى روحه منطلقة في الجو.
انصرف الصغير إلى سفح
الجبل وحاول أن يصعده فتذكر كلام أمه فتراجع عن موقفه ، وجلس في ظل شجرة قريبة وهم
في سبات قصير ، عندها رأى في حلمه أحدا يناديه من أعلى الجبل فقام من مخضعه فصعد
الجبل و رأى ما لم يرى من قبل ، رأى ذلك الحصان الطائر . استيقظ الطفل على نفس
الصوت الذي كان يناديه في الحلم فظن أنه يتوهم ولكن الصوت تكرر فأدرك أن ما رآه في
الحلم حقيقة فجدد أمله وصعد الجبل نحو ذلك الصوت الخافت ، وبعد برهة كان أمام حصان
ذهبي ذي أجنحة يمتد طولهما كأنه الصقر في رشاقته ، لم يصدق سالم مطلقا موقفه فمسح
عينيه ولكن الصورة لم تتغير، حاول مرة أخرى وعندها أدرك من موقفه أنها حقيقة. فصاح
في الجو:" إنه هو ، نعم إنه هو" فاقترب الطائر الغريب من سالم ودعاه أن
يمتطيه ، ففعل الصبي ذلك وراح الاثنان يحلقان في الجو ، والصغير في أسعد لحظاته.
وهاهو من بعيد يرى بيته الصغير ، وبعد ساعة من الطيران حط المخلوق عند سفح الجبل
فنزل سالم من على ظهره فودع صديقه الجديد ورجع إلى منزله جريا والإبتسامة لا تفارق
وجهه تبعتها ضحكات بريئة.